د. بدي يشارك في الجامعة الفصلية بجنوب افريقيا

د. بدي يشارك في الجامعة الفصلية بجنوب افريقيا
أولاً ـ توطئة

باقتراحٍ من الأستاذ الدكتور عمر كاسولي وبدعوةٍ من الدكتور أبي الفضل محسن إبراهيم، شاركَ الدكتور محمد بدي أبنو يوميْ11 و12 يوليو 2016 في الجامعة الفصلية الأولى للمعهد في جوهانسبورغ بجنوب افريقيا والتي تستمرّ إلى 16 من الشهر الجاري.

وقد استُهِلتْ أعمالُ الجامعة بخطابٍ افتتاحي مسجّلٍ للدكتور عمر كاسولي تَضمَّنَ المحاورَ والأهدافَ التأطيريةَ الرئيسةَ لهذه الجامعة.

ثانياً ـ البرنامج

وقد قدَّمَ الدكتور بدي في الجلسة الافتتاحية يومَ 11 محاضرةً عن “تاريخية التفسير وتعدّد التفاسير”. ثم ألقى ثانيةً بعد الزوال عن “التفسير المقاصدي” من حيث هو مشروعٌ معرفي تكاملي يهدفُ إلى فهْم الرسالة القرآنية في شموليتها.

أما يوم 12 فألقى في الصباح محاضرةً عن ثنائية “الشريعة والفقه” وأخيرةً بعد الزوال عن “فقه الأقلياتّ”. وقد شاركه يوم 11 الدكتورُ أشرف دوكراتون الذي قدّم عرضاً تلخيصيا متميزاً للفصلين الأول والثاني من كتاب الدكتور عبد الحميد أبو سليمان : ” الرؤية الكونية الحضارية القرآنية”. أما يوم 12 فقد شاركه الأستاذُ يوسف دادو الذي عرَضَ باقتدار الفصلين الثالث والرابع من نفس كتاب الدكتور عبد الحميد : ” الرؤية الكونية الحضارية القرآنية”.

ثالثا ًـ المحتوى العام للمحاضرات

ركزتْ العروض على مستويين معرفيين مرتبطين. يتمثلُ أحدهُما في سؤال التعدد التفسيري والتأويلي للقرآن الكريم والعمل على وضع تفسير مقاصدي. أما الثاني فيتمثلُ في التفسير الفقهي أو الاستنطاق الحُكمي للنصوص ذات الطابع التكليفي. يتعلّق الأمر في هذا المستوى

إذاً من ناحية بتبيين المعنى العام للشريعة. ومن ناحية ثانية بتحديد العلاقة الإيبستيمولوجية والمعرفية بين المجال الخاص للفقه وبين الشريعة المُنزَّلة. وانطلق الطرحُ من الموقع المعرفي والمنهجي الذي يميزُ علمَ التفسير وعلم الفقه داخل الخريطة الإيبستمولجية للعلوم الإسلامية. وتمَّ منْ خلال ذلك وضعُ معالم عامة لهذه الخريطة التفسير بالعلوم الأخرى كعلوم القرآن وأصول الدين والحديث أصولاً ومتناً والفقه أصولاً وفروعاً.

رابعاً ـ المقدمات الرئيسة للمحاضرات

1ـ التفاسير القديمة التي تُركّز على “المأثور” تمنح عناصر كثيرة (نبوية، وصحابية، وتابعية إلخ) لفهم التنزيل ولفهم السياقات الاجتماعية والتاريخية لتنزّله (أسباب النزول إلخ).
2ـ التفاسير التي تهتم بـ”الرأي (الدراية)”، أي أساسًا بالمعطيات اللغوية والنحوية ومرجعياتها، تحتوي كمًّا ضخما من المعطيات حوْلَ لغة القرآن وممكناتها بالنظر مثلا إلى الاستعمالات اللغوية السائدة في فترة التنزيل وأنساقها المعجمية والدلالية.
3ـ هنالك تنوع في المناهج الموظفة قديما وحديثا على صعيد الشكل والتقديم (التفاسير الخطية، التفاسير الموضوعية وفي الفترة المعاصرة التفاسير المقارِنة، إلخ) كما على صعيد المحتوى (التفاسير العامّة، التفاسير الفقهية، التفاسير الكلامية، إلخ.)
4 ـ القرآن خطاب إلهي موجّه للبشر (يبشّر وينذِر ويُذكّر ويهدي للتي هي أقوم). فهو الذي يَمنح نفسَه معناه الذاتي ولا يسْتقي معناه من إسقاطات قرائية خارجية. وبهذا فإن القرآن ليس فقط موضوعا يتم الحديث عنه أو بشأنه حول مواضيع متعددة (إحالات، استطرادات، مرويات إلخ) ولكنه أولا وقبل شيء رسالة إلهية ذات مقاصد وقيم وموجّهات متكاملة.
5ـ التفسير المقاصدي المعني يُنتظر منه أنْ يُوظِّف الأدوات المعرفية والمنهجية اللازمة لاستقراء وتدّبر هذه المقاصد والقيم والموّجهات المتكاملة التي يحملها التنزيل القرآني.
6ـ ينطلق التفسير المقاصدي من القرآن نفسه في انسجامه وتكامله الذاتي لإضاءة بعضه ببعضه وإضاءة أنساقه الجزئية بنسقه ومقاصده العامة.
7ـ ينطلق كذلك هذا التفسير من علاقة القرآن بالسنة. وهو ما سيفترض عملا موازيا على السنة من منظور مقاصدي. بهذا المعنى فإن استكمال الحلّقة التفسيرية والتأويلية يَقتضي مراعاة النسق الدلالي العامّ في الأصلين المرجعيين : القرآن الكريم والسنة النبوية، ومراعاة نمط العلاقة الدلالية بينهما.
8ـ تُوظف الأدوات المعرفية والمنهجية المستخدمة في هذا التفسير خيارَ التكامل المعرفي، أي أنها تستثمر ما تحمله التفاسير القديمة من مادة خام (المأثورات، والأدوات التاريحية واللسانية ـ نحوا ومعجما وبلاغة وفقهَ لغةٍ … ـ إلخ) كما تستثمر العلوم الانساية الحديثة وبشكل خاص العلوم الألسنية والسيميولوجية.
9ـ يسعى التفسير المقاصدي إلى استقراء الكتاب الحكيم عبر معايير الوضوح البياني (مبينا) والإنسجام الكلي ((“غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ) والعقلانية المكفولة إلهيا (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا).