الجامعة الشتوية بطنجة

الجامعة الشتوية بطنجة

انعقدت النسخة الرابعة للجامعة الشتوية في فبراير 2020 تحت عنوان « التأويل والترجمة ». وفي خلال الثلاثة أيام لهذا اللقاء اهتمّ الباحثون بإبراز خصائص التأويل والترجمة وآثار النقل بين اللّغات. وقد حضر هذه الندوة عدد من المفكرين من مختلف أنحاء العالم للإدلاء بوجهات نظرهم، كلّ في ميدانه، فيما يتعلّق بالصعوبات والعواقب الناتجة عن التّأويل والترجمة. وكُلّل اللقاء بنجاح ملحوظ تمّ إثره حفليْ تكريم للأستاذ عبد العالي العمراني جمال الذي كرّس فترة لا بأس بها من حياته على رأس المركز القومي للبحوث العلمية بفرنسا، ولمدير كرسي معهد العالم العربي بباريس، السّيّد الطّيّب ولد العروسي، لما قدّمه من أعمال جليلة تهتمّ بالعالم العربي في جلّ الميادين.

وكما جرت عليه العادة فقد انطلقت الندوة يوم الأربعاء 26 فبراير بكلمة افتتاحية لكل من رئيس جامعة عبد المالك السعدي، السّيّد محمد الرامي، ومدير معهد الدراسات الإبستمولوجية في بروكسيل، الدكتور بدي ابنو المرابطي، ومدير المدرسة العليا للترجمة، الدكتور نور الدين الشملالي وانتهى الافتتاح بكلمة اللجنة التنظيمية.

وعلى إثر هذه الجلسة الافتتاحية اهتمّت الجلسة الأولى بموضوع الترجمة والتأويل من مقاربات نظريّة. واستهلّ الدكتور باتريك فولتينغ، من جامعة رينس، بمداخلة حول فقه علم اللغة في تأويلات ما جاء به الفيلسوف نيتشه. وتلاه الدكتور الطّيّب بوتبقالت بالتعريج على إشكاليات الترجمة وتأثيرها على القارئ.أمّا الدّكتور الهواري غزال، من جامعة باريس ثمانية، فقد دعانا للعودة إلى التراث اللغوي لترجمة المفاهيم الحديثة. واختتمت الجلسة الأولى بمداخلتين لكلّ من مزوار الإدريسي أستاذ بالمدرسة العليا للترجمة وفؤاد بن أحمد من دار الحديث الحسنية بالرباط. تحدّث السّيّد مزوار عن إشكالية التأويل في الترجمة كما عرض الدكتور فؤاد لكيفية التأويل والنقل في منظور منطق أرسطو. وانتهت الجلسة الأولى بنقاشات ذات أهمّيّة لافتة حول الموضوع.

وفي اليوم الموالي، الخميس 27 فبراير 2020، افتتحت الجلسة الثانية بالنظر في إشكاليات الترجمة والتأويل في النصوص المتخصصة. وابتدأ السّيّد مصطفى أمادي بموضوع النّصّ الديني بين الفهم والتأويل. وتطرّق كلّ من شكيب اللبيدي ملوكي وسميرة شكري إلى موضوع التأويل والترجمة للنصّ القانوني. وبينما تطرّق الأول إلى التأويل وإشكالية التكافؤ في القانون، عبّرت السيدة سميرة شكري عن كيفية حماية الحقوق والحريات عند تناول النّصّ القانونيّ بالتّأويل. وتتابعت المداخلات برأي الدكتور بوعزة عسام في إعمال النظرية التأويلية كأساس فلسفي لترجمة القرآن الكريم، قبل أن تعرّج الدكتورة كريمة الليحياوي على الترجمة القرآنية من خلال بعض الترجمات الفرنسيّة.

وبعد فترة استراحة وجيزة ابتدأت الجلسة الثالثة بمداخلة الدكتور شكري الميموني، من جامعة رين الثانية. وتحدث فيها عن إيجابيات الترجمة وسلبياتها آخذا العصور الوسطى نموذجا. وتحدّث الدكتور حميد بركاش عن القدرات التأويلية للمترجمين الجدد من خلال مختارات تطبيقية. كما ذكرت الدكتورة إيمان مواني أمرَتأثير الترجمة والتأويل على النص بين النسخة البداية والنسخة النهاية. وتلاها السّيّد إسماعيل المسعودي متحدثا عن أهمية الروابط النصية في المحافظة على المعنى وعلى الخصائص الفنية عند ترجمة النص العربي إلى الإسبانية. وانتهت الجلسة الثانية بمداخلة لكل من السّيّد مصطفى الورياغلي الذي تكلم على إشكالية الترجمة والتأويل بين النص والخطاب ثمّ الدكتور ليون دي بروين، من جامعة رادبود نايميخن بهولندا، الّذي ذكر علاقة الترجمة بعلم الأعصاب والبسيكولوجيا.وتخللت هذه الجلسة الثانية نقاشات وتبادل آراء بين الحضور والمتدخلين.

وفي اليوم الأخير انطلقت الجلسة الرابعة والاختتاميّة للملتقى بمداخلاتِ طلبةِ الدكتوراه. وألقى كل من رشيد فضيل وسعير إيزران وشيماء احرازم وسيرين مساري ومحمد بوهوت محاضرة ترتبط بميدان بحوثهم وأعمالهم. فبعد الحديث عن ترجمة «روح القانون» لمنتسكيو وعن مسائل المصطلحات العلمية العربية، أثيرت مسألة النظرية التأويلية في الترجمة القانونية إلى جانب التأويل القرآني وعلاقات الديانات بعضها ببعض. وفي الأخير كان النظر في إشكالية التأويل وتأثيره على دور الترجمات.