يتناول واحدة من القضايا الكبرى التي شغلت العقل الإسلامي، واستأثرت بجهود المفكرين المسلمين على اختلاف العصور؛ "نظرية التعليل" وتجلياتها وتأثيراتها في الفكرين الكلامي والأصولي، حيث يستقصى مرجعياتها في مصادرها الأصلية، وينقد مسائلها، انطلاقاً من مصادرها المعتمدة لدى كل مدرسة، دون أن يكون محكوماً بهذه النظرة المذهبية أو تلك متسماً بشمولية الرؤية وسعة النظر في التعامل مع جميع الآراء. ويكشف المؤلف في هذا الكتاب عن التلازم العضوي بين "التعليل" و"المقاصد"، الذي ظل حاضراً بقوة في أدبيات الفقه المقاصدي منذ انطلاقته العلمية على يد الجويني والغزالي. ويُسقط كل الدعاوى القائلة بتقسيم التراث الفكري الاسلامي الى تيارين متناقضين: تيار عقلي رافض لسلطة النص الشرعي، يمثله المعتزلة، وتيار نصي نقلي رافض لسلطة العقل يمثله الأشاعرة. ويلتزم الكتاب المنهج العلمي، والانفتاح على الرأي المخالف، والبحث عن المشترك المعرفي، ويخلص الى أن ما وقع حول "نظرية التعليل" من اختلاف، هو في جوهره اختلاف وتنوع وتكامل، لا اختلاف تضاد وتنافر، مؤكداً حقيقة أنه لا سبيل الى التخلص من آفة "الإقصاء المعرفي" و"الإبادة الفكرية" للرأي المخالف إلا بالتحرر من عقلية إلغاء الآخر، ونبذ التعصب الفكري، والخروج من التقوقع على الذات، والفهم الأوحد، الى سعة الانفتاح على جميع المذاهب، وهي القيم التي تسدد خطواتنا الحقيقية في اتجاه البناء الحضاري المأمول.