نموذج التنمية البشرية

نموذج التنمية البشرية

بقلم: د. إلهام ناصر، باحثة أولى / مديرة – أصول التربية

مايو 2019

تركز إحدى الدراسات الرئيسية التي أجرتها مبادرة الارتقاء بالتعليم في المجتمعات الإسلامية  ( Advancing Education in Muslim Societies – AEMS ) في المعهد العالمي للفكر الإسلامي (IIIT)، وهي دراسة “رسم خريطة معالم” التعليم السنوية، على استطلاع عينات كبيرة من الشباب، والمدرسين، وغيرهم من أصحاب الشأن في بلدان مختارة لمعرفة المزيد عن وجهات نظرهم وأفكارهم بشأن بعض القيم مثل التعاطف، والامتنان، والتسامح. إنها قيم عالمية راسخة في التقاليد والتعاليم الإسلامية. لقد اخترنا نهج التنمية البشرية لتوجيه دراسة “رسم خريطة المعالم” لمبادرة AEMS والدراسات التجريبية الأخرى، لأنه يوفر الإطار الأكثر مرونة ويركز على “ثراء الحياة البشرية بدلاً من ثراء الأنظمة الاقتصادية” (جاهان، 2016، ص 2). في حالة AEMS، فهي توفر أيضًا نهجًا يستند إلى القيم التربوية كمؤثر إيجابي على النمو الشخصي في مختلف مجالات التنمية، مثل المجال المعرفي والاجتماعي-العاطفي. لا يحدث النمو الفردي من الفراغ، ولكنه يمر بعملية تعتمد بدرجة كبيرة على قدرة الإنسان على التقدم والتراجع في مراحل مختلفة ويتأثر بظروف الحياة وأحوالها. إن اعتماد نهج التنمية البشرية يشير إلى إمكانية انعكاس “الضرر” الذي حدث في ظروف هشة (شانكوف، 2000) ونقل الحوار بعيدًا عن نموذج العجز إلى نموذج يقوم على القوة والأصول.

على عكس العديد من مُنظري التنمية البشرية التقليديين الذين يركزون على القيم والتطور الأخلاقي (انظر ماسلو، 1943 و1954؛ وكيغان، 1982؛ وجيليجان، 1993؛ وكولبرج، 1984) والذين يدّعون بوجود تطور خطي مُطّرد من المراحل الأساسية للوجود إلى المراحل العليا مرورًا بمرحلة النضج، بينما يطرح النموذج الذي تم اختياره هنا التطور في حركة لولبية (حلزونية) نحو المراحل العليا. لقد قمنا باختيار نموذج بيك وكوان (2006) في الحركة اللولبية للتطور الشخصي كإطار لنا لتمثيل مسار التنمية البشرية بسبب طبيعته الديناميكية والطرق التي يوضح بها مسارات التطور المتغيرة التي تتدخل في مختلف حالات الوعي. في هذا النموذج، يتم تحديد النمو الفردي في وقت مبكر حسب العمر وبعد ذلك حسب الظروف الحياتية. نستخدم هنا الحالات وليس المراحل لأن الحالات تمثل ظروفًا مؤقتة في حين أن المراحل متدرجة النمو ودائمة بطبيعتها. تبدأ نظريات المرحلة من الطفولة وبعضها يدعي العالمية، في حين أن النموذج الديناميكي اللولبي مرن ويعتمد على السياق في تأكيده على ظروف الحياة (ويلبر، 2007). يعزو بيك وكوان (2006) النموذج الديناميكي اللولبي نفسه إلى أعمال غريف (Grave)، التي تستند إلى أكثر من ثلاثين عامًا من الملاحظة حول كيفية تصرف الناس وتفكيرهم بطرق مختلفة حول كل شيء تقريبًا في الحياة. وفقًا لبيك وكوان (2006): “الحركات اللولبية حية، وسحرية، وقوية، ومتعددة الأبعاد” (ص 26). الحركات اللولبية تعكس الفكر بطريقة مفتوحة النهاية، ومتواصلة، وديناميكية.

توضح الطبيعة اللولبية للنموذج العمليات المعقدة والانعطافات والتقلبات التي تشكل جزءًا من عملية تطور الأفراد ونشوء أفكارهم وقدراتهم التحليلية. يعمل النموذج التنموي الديناميكي اللولبي على توجيه تحليل نتائج البحوث التجريبية لـ AEMS وسوف يساعد على تعديل الدراسة وطرق تفسيرنا للنتائج ومراجعتها لنتمكن من إضافة مغزىً لإطارنا النظري والمفاهيمي. على سبيل المثال، تُعنى مبادرة AEMS في نهاية المطاف باكتشاف أنواع التدخلات التربوية المعتمدة على السياسة والتي من شأنها دعم النظم التعليمية لتحديد أولويات مسارات النمو للشباب ومعالجة العوامل التي تبرز بشكل خاص في المجتمعات الإسلامية. كما أن الهدف أيضًا هو إيجاد طرق تؤثر على المسار من الانتشار إلى التحول بشكل إيجابي لضمان الحصول على التجارب التعليمية والنتائج الحياتية الشاملة والهادفة لجميع الشباب في المجتمعات الإسلامية. وفي هذا الصدد، نضع أملنا في تمكين الناس من أن يكونوا مشاركين فاعلين في تطوير حياتهم وقياداتهم من أجل تبني سياسات من شأنها تحسين مسار الشباب المسلم وغير المسلم في مختلف المجالات التعليمية.

لمزيد من المعلومات والمنشورات حول هذا الموضوع، قم بزيارة الموقع الإلكتروني لمجلة التعليم في المجتمعات الإسلامية https://scholarworks.iu.edu/iupjournals/index.php/jems .

 

مراجع مختارة

بيك، دي. وكوان سي. (2006). الحركات اللولبية: التمكن من القيم والقيادة والتغيير: استكشاف علم الانتشار الثقافي الجديد. أوكسفورد: بلاكويل.

جيليجان، سي. (1993). النظرية النفسية وتطور المرأة بصوت مختلف. كامبريج، ماساشوستس: مطبعة جامعة هارفارد.

جاهان، اس. (2016). تقرير التنمية البشرية 2016: التنمية البشرية للجميع. نيويورك: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

كيغان، ار. (1982). النفس المتطورة: المشكلة والعملية في التنمية البشرية. كامبريج، ماساشوستس: مطبعة جامعة هارفارد.

كولبرج، ال. (1984). سيكولوجية التنمية الأخلاقية: طبيعة المراحل الأخلاقية وصلاحيتها (الطبعة الأولى). سان فرانسسكو: هاربر ورو.

ماسلو، أيه. (1943). نظرية المحفزات البشرية. مراجعة نفسية، 50(4)، 370-396.

https://doi.org/10.1037/h0054346

ماسلو، اتش. (1954). ماسلو، أيه. اتش. (1954). الحافز والشخصية. نيويورك: هاربر ورو.