تقرير مؤتمر مقاصد القرآن الكريم في بناء الحضارة والعمران

تقرير مؤتمر مقاصد القرآن الكريم في بناء الحضارة والعمران

تقرير علمي لمؤتمر علمي دولي بعنوان:
مقاصد القرآن الكريم في بناء الحضارة والعمران
نظمه المعهد العالمي للفكر الإسلامي، بالتعاون مع المعهد العالي للحضارة الإسلامية
ووحدة بحث دراسات قرآنية معاصرة ـ
جامعة الزيتونة/تونس: في 22-24 رجب 1438ﻫ/ الموافق 18-20 نيسان(أفريل)2017م

نظم المعهد العالمي للفكر الإسلامي بالتعاون مع المعهد العالي للحضارة الإسلامية ووحدة بحث دراسات قرآنية معاصرة بجامعة الزيتونة في تونس مؤتمراً علمياً دولياً بعنوان: “مقاصد القرآن الكريم في بناء الحضارة والعمران”، وذلك في الثاني والعشرين إلى الرابع العشرين من رجب الخير 1438هـ، الموافق للثامن عشر إلى العشرين من نيسان/ أفريل 2017م، في مدينة تونس ومدينة الحمّامات في الجمهورية التونسية.

وقد أتى هذا المؤتمر أنموذجاً للتعاون والتنسيق بين المؤسسات البحثية والأكاديمية، الحكومية والأهلية، في خدمة الفكر الإسلامي من خلال التركيز على أهمية المقاصد القرآنية في البناء الحضاري والعمراني للأمة وإصلاح نظام العالم، وترشيد الحضارة الإنسانية بقيم الهدي الإلهي. .

وقد كان من أهم أهداف هذا المؤتمر: بيان مفهوم المقاصد القرآنية، والكشف عن أنواعها ومستوياتها وخصائصها المميزة لها ودورها في التفسير والاجتهاد، وتفعيلُها في بناء شخصية المسلم المعاصر القادر على الإسهام في استئناف الحضارة الإسلامية، والمشاركة في ترشيد الحضارة الإنسانية المعاصرة، وتمكينُ الأجيال الجديدة من الباحثين وطلبة الدراسات العليا من تلمّس مقاصد القرآن في الجوانب المعرفية والعملية في حياة المسلم خاصة والإنسانية. والعملُ على تطوير برامج ومشاريع تستند إلى مقاصد القرآن في بناء الحضارة والعمران. .

وقد عُرض في المؤتمر ثمانية وعشرون بحثاً لعلماء وباحثين مثّلوا إحدى عشرة دولة هي: الأردن والإمارات وبلجيكا وتونس والجزائر والسعودية والسودان والعراق وفلسطين ومصر والمغرب. وجاء اختيار هذه الأبحاث نتاج ضبط علمي وإداري من لجنة ضمت نخبةً من أساتذة متخصصينَ بالفكر وبالمقاصد؛ إذ سهرت اللجنةُ التحضيرية مع من استعانت بهم من ذَوي الكفاءة على قراءة الملخصاتِ والأبحاث، وتقويم الأبحاث وترشيدِها، كي تكون أكثر وفاءً بغرضها في تحقيق أهداف المؤتمر. ومن الجدير بالذكر أن الرغبة في المشاركة في المؤتمر كانت واسعة، ورافق هذه الرغبة جديةٌ في الدراسة المتأنية للملخصات والبحوث والحكم عليها؛ إذ كان عددُ الملخصاتِ التي قُدّمت للمؤتمر بعد الإعلانِ عنه ثلاثَ مئةٍ وثمانين ملخصاً، قُبِل منها مئةٌ وستةُ وثمانون. واستقبلت اللجنةُ ثلاثةً وتسعين بحثاً، قُبل منها ثمانية وعشرون. .

وانتظم المؤتمرُ في سبع جلسات علمية، على مدار ثلاثة أيام؛ إذ عُقدت في اليوم الجلسة الافتتاحية والجلسة الأولى، وكانت في جامعة الزيتونة بتونس. وعقدت في اليومين التاليين ست جلسات عمل، إضافة الجلسة الختامية، وذلك في نُزل تاج السلطان في مدينة الحمّامات. .

وتمحورت الجلسات حول مواضيع متنوعة اتّسقت مع فكرة المؤتمر وأهدافه ومحاوره، فافتتِحت أعمال المؤتمر بجلسة افتتاحية في قاعة ابن خلدون في جامعة الزيتونة ترأسها رئيس جامعة الزيتونة في تونس الأستاذ الدكتور هشام قريسة، وكانت البداية بكلمة اللجنة التحضيرية ألقاها الدكتور رائد جميل عكاشة: مدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي/الأردن؛ بين فيها أهداف المؤتمر، وأهميته في البناء المعرفي والحضاري، ثم استعرض الجهد المبذول في إعداد ورقة عمل المؤتمر، والإجراءات العلمية والإدارية التي رافقت تحكيم البحوث. .

كما ألقى الدكتور عبد اللطيف بوعزيزي مدير المعهد العالي للحضارة الإسلامية كلمة استعرض فيها خطوات الإعداد للمؤتمر وما لمسه من جدية واجتهاد وتعاون بين المعهدين أثمر ولادة هذا المؤتمر. .

وتحدث الدكتور جلال الدين علوش: رئيس وحدة بحث دراسات قرآنية معاصرة في جامعة الزيتونة،حيث بين أهمية المؤتمرات في الدراسات القرآنية المعاصرة فيما تقدمه من إضافة علمية ومعرفية تساهم في رفد الإنسانية بمبادئ وأسس بناء الحضارة والعمران. وتحدّث المدير الإقليمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي/ الأردن؛ الدكتور فتحي حسن ملكاوي عن أهمية موضوع المؤتمر في السياق الحضاري للأمة، وبين أهدافه ومحاور جلساته، وأضاف أن هذا المؤتمر يعد فرصة للباحثين من أجل الاستفادة مباشرة من خبرة الأساتذة المؤتمرين ومن معرفة مقاصد القرآن في بناء الحضارة والعمران، علاوة عن تبادل الخبرات بين المؤتمرين أنفسهم. .

واخْتُتمت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلمة معالي رئيس جامعة الزيتونة الدكتور هشام قريسة التي بين فيها أهمية القرآن الكريم في بناء شخصية المسلم، بدءاً من عصر النزول، وما ما أحدثه من تغيير في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان له الأثر الكبير في البناء الحضاري والعمراني؛ لذا لا بد من تجلية هذا الأثر بإعداد المؤتمرات العلمية عن مقاصد القرآن الكريم، لتكون مرتكزاً للإنسانية في البناء في العصر الحديث، وتمنى للعلماء والباحثين المشاركين التوفيق في تحقيق أهداف المؤتمر. .

انطلقت في اليوم الأول الجلسة الأولى؛ إذ كان عنوان محورها “مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة: إشكالية الوصل والفصل”؛ ترأسها الدكتور عبد اللطيف بوعزيزي: مدير المعهد الأعلى للحضارة الإسلامية في جامعة الزيتونة بتونس، وتحدث فيها الدكتور حسن القصاب من المغرب في موضوع “خطاب التكليف من ضيق مقاصد الشريعة إلى سعة مقاصد القرآن”، ثم ألقى الدكتور محمد الشتيوي من تونس ورقة بعنوان: “خطاب الخلق والأمر في القرآن”، وألقى الدكتور عمار الحريري من الأردن ورقة في موضوع: “مرجعية السنة في ظل مقاصد القرآن: قراءة تأصيلية نقدية” واختتمت الجلسة بورقة الدكتور محمد بدي إبنو من بلجيكا تحت عنوان: “نحو مساءلة إبستمولوجية وتفسيرية للعلاقة بن مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة”..

وفي اليوم الثاني انطلقت أعمال المحور الثاني في الجلسة الثانية تحت عنوان “التفسير المقاصدي وآلياته” ترأسها الدكتور فتحي ملكاوي: المدير الإقليمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي/ الأردن، فتحدث فيها الدكتور عبد الكريم الحامدي من الجزائر، عن “نحو رؤية منهجية في التفسير المقاصدي”، وألقى الدكتور علي أسعد ورقة بعنوان: “التفسير المقاصدي للقرآن”، ثم تحدثت الدكتورة مُنْيَة العلمي من تونس عن “مركزية الآلية السياقية في البناء الحضاري المقاصدي للقرآن الكريم. ثم ورقة الدكتور محمد المجذوب من السودان عن “مفهوم الحق وإعادة تأسيس علم المقاصد في الإسلام: رؤية نقدية لمفهوم المصالح الأصولي”..

أما الجلسة الثالثة فكان محورها بعنوان:”مقاصد القرآن الكريم والفكر العمراني” وترأسها الدكتور نور الدين الخادمي من تونس، وتحدث فيها الدكتور عبد المجيد النجار عن موضوع “مقاصد القرآن الكريم في بناء الفكر العمراني”، ثم ألقت الدكتورة فريدة حايد من الجزائر ورقة بعنوان: “مقصد إصلاح العالم في القرآن”، وتحدثت الدكتورة وسيلة خلفي من الجزائر عن “مقصد إصلاح العقل في القرآن وتجليات العقلانية في العلوم الشرعية”، وكانت الورقة الأخيرة للدكتور مسعود بودوخة من الجزائر بعنوان “أهمية الوعي بمقاصد القرآن في التدبر”..

وأما المحور الرابع: “مقاصد القرآن والقيم العليا” فانعقدت أعماله في الجلسة الرابعة التي ترأسها الدكتور عبد المجيد النجار من تونس، وتحدث فيها الدكتور نور الدين الخادمي من تونس عن موضوع: “موجز مقاصد القرآن في إحياء قيم الإنسان الحضارية” وألقى الدكتور مسفر القحطاني من السعودية ورقة بعنوان: “التسخير الكوني للإنسان في القرآن، وسؤال المقصد العمراني”، وتحدث الدكتور عبد السلام الأحمر من المغرب عن: “استخلاف الإنسان في الأرض باعتباره مقصداً عاماً للقرآن والشريعة والحضارة”، وكانت الورقة الرابعة في الجلسة للدكتورة بيَّة السلطاني من تونس بعنوان: “مقصد التزكية وأبعاده في ضبط السلوك الحضاري والعمران”. .

وأما محور “مقاصد القرآن المجالات المعرفية” فقد انتظمت أعماله في الجلسة الخامسة التي ترأسها الدكتور هشام الطالب من أمريكا، وتحدث فيها الدكتور بسام العموش من الأردن عن “الحرية في المقاصد القرآنية”، وألقى الدكتور عبد الحليم مهورباشة من الجزائر ورقة بعنوان: “دور مقاصد القرآن في التأسيس المعرفي لعلوم اجتماعية بديلة”، واختتمت الجلسة بورقة الدكتور ياسين كرامتي من تونس بعنوان: “التراث الأثري والمرجعية القرآنية: قراءة انثروبولوجية لتوظيف مقاصد القرآن في مجال العمران”..

وفي صباح اليوم الثالث بدأت أعمال محور “مقاصد القرآن في المجالات المعرفية” في الجلسة السادسة بترأس الدكتور برهان النفاتي من تونس، فتحدث فيها الدكتور أحمد فراس العوران من الأردن عن “المفهوم الاقتصادي للعمل في ضوء القرآن الكريم لبناء الحضارة والعمران”، وألقى الدكتور إبراهيم الجلبي من العراق ورقة بعنوان: “المقاصد الاقتصادية في القرآن مدخلا لفهم بنية الاقتصاد الإسلامي”، وتحدث الدكتور عبد الملك بومنجل من الجزائر عن موضوع “المقاصد الجمالية في القرآن الكريم: نحو نظرية قرآنية في الفن والأدب”، واختتمت الجلسة بورقة قدمها الدكتور عامر جود الله من فلسطين بعنوان: “مقصد العدل في القرآن”..

وكان المحور الأخير في المؤتمر بعنوان: “مقاصد القرآن: الأدبيات والتنظيرات (رؤية تقويمية)” حيث قدمت بحوثه في الجلسة السابعة برئاسة الدكتور جلال الدين علوش من تونس، وعرضت فيها ورقة الدكتور ماهر حصوة من الإمارات حول: “مقاصد القرآن في بناء الحضارة والعمران عند المعاصرين”، وورقة الدكتور محمد العامري من تونس بعنوان: “مقصد العمران بين التفاسير القديمة والحديثة”، وورقة الدكتورة وفاء توفيق من المغرب عن “جهود المعاصرين في إعمال وتفعيل مقاصد القرآن: ابن عاشور نمودجا”، وورقة الدكتور إدريس التركاوي بعنوان: “أصول مقاصد القرآن الكريم عند النورسي”..

وتضمن برنامج المؤتمر تعقيبين علميين على كل بحث، إضافة إلى مداخلات المشاركين والحضور مما أسهم في إغناء البحوث المقدّمة، التي يتوقع لها أن تنعكس على النسخ المعدّلة التي ستنشر في كتاب مُحكّم إن شاء الله تعالى. .

واختتم المؤتمر أعماله بجلسة ختامية قُدّم فيها البيان الختامي للمؤتمر، والتوصيات، التي جاءت على النحو الآتي: .

1. دعوة المؤسسات الحكومية والأهلية ومراكز البحث إلى تعزيز العمل الجماعي المشترك، الذي تتضافر فيه الجهود للكشف عن المقاصد القرآنية بكل مستوياتها، انطلاقاً من توجيهات الوحي.

2. حث المؤسسات الحكومية الأهلية ومراكز البحث والتكوين على الإفادة من تجربة العمل الجماعي، والإفادة من طلبة الدراسات العليا وإشراكهم في الملتقيات، وتعميمها مستقبلاً ضمن برامج المؤتمرات والملتقيات العلمية.

3. تفعيل الجانب العملي والتطبيقي في مقاصد القرآن في بحث القضايا المستجدة التي تهمّ الفرد والمجتمعات والأمة الإسلامية، لا سيما بما يتصل بالعلوم الاجتماعية الإنسانية والطبيعية.

4. تفعيل التكامل المعرفي بين علوم الشريعة والعلوم الاجتماعية والإنسانية والطبيعية.

5. الاشتغال بتطوير علم المقاصد الذي يحتاج إلى مزيدِ تأصيلٍ وتأسيسٍ وبلورة؛ لإزالة اللبس في المفاهيم المصطلحات.

6. الدعوة إلى تلمّس تمثلات المقاصد في القرآن الكريم والسنة النبوية. بوصف القرآن الكريم النصَّ المؤسس المهيمن، والسنة النبوية النصّ المبيّن.

7. دعوة الباحثين في المؤسسات الجامعية والبحثية إلى إحداث التراكم المعرفي في مقاصد القرآن الكريم؛ وصولاً إلى تأسيس البرامج والمقررات الجامعية المتصلة بمقاصد القرآن الكريم.

8. طباعة أعمال المؤتمر في كتاب يفيد منه طلبة العلم والمهتمون والمؤسسات الأكاديمية والبحثية. وذلك بعد استفادة الباحثين من الملاحظات التي وردت في التعقيبات والمداخلات والمناقشات، والإفادة منها في تطوير برامج علوم الشريعة ومقرراتها. .

وقد عبرّ المشاركون في المؤتمر عن شكرهم لوزارة التعليم العالي ورئاسة جامعة الزيتونة، وتقديرهم للجهد الكبير الذي أداه كلٌّ من المعهد العالمي للفكر الإسلامي والمعهد العالي للحضارة الإسلامية في جامعة الزيتونة في تنطيم المؤتمر، والإشادة بدور الباحثين والمعقبين الذين استعان بهم المؤتمر في التعقيب الممنهج، وطلبة الماجستير والدكتوراه في جامعة الزيتونة الذين أسهموا بدراسة محاور المؤتمر ومدارسة الأوراق مع الباحثين المشاركين.

للصور