تركيا: مؤتمر الارتقاء بالتعليم في المجتمعات الإسلامية: رسم خريطة المعالم

تركيا: مؤتمر الارتقاء بالتعليم في المجتمعات الإسلامية: رسم خريطة المعالم

اشترك المعهد العالمي للفكر الإسلامي في تنظيم مؤتمر حول الارتقاء بالتعليم في المجتمعات الإسلامية (AEMS) مع مركز جامعة شهير لدراسات التعليم العالي ودار محيا للنشر في إسطنبول في الفترة من 26- 28 أبريل 2019.

وحل أكثر من ثمانين مشاركًا ضيوفًا على هذه الفعالية، وكان من بينهم علماء من مختلف مكاتب المعهد وفروعه بالإضافة إلى ممثلين وباحثين من الدول التي شاركت في الدراسة الأولى لـ AEMS: رسم خريطة المعالم، ومتحدثين وضيوف دوليين، إلى جانب عدد من طلبة الجامعات التركية المختلفة.

استهلت الجلسة الافتتاحية يوم الجمعة، السابع والعشرين من أبريل، بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ألقاها الدكتور ساليسو شيهو، مدير المعهد في نيجيريا. وأعقب ذلك كلمة ترحيبية من الدكتور عليم أرلي، مدير مركز دراسات التعليم العالي في جامعة اسطنبول شهير والرئيس المشارك للمؤتمر، الذي أعرب عن سعادته بالشراكة مع المعهد. ومن ثم رحب البروفيسور بيامي سيليكان، رئيس جامعة اسطنبول شهير، أيضًا بالضيوف وتحدث عن الجامعة وبرنامج ايراسموس+ (Erasmus+). وشجع المشاركين على الانضمام إليهم والتعاون معهم لما فيه مصلحة الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية على حدٍ سواء. بعد ذلك، أشار السيد صباح الدين ايفان، رئيس دار محيا للنشر في اسطنبول، إلى أن المشاكل التي تواجه المسلمين يمكن حلها عن طريق الإصلاح والتجديد، وليس عن طريق “التقليد الأعمى لموروث أجدادنا أو لخطى الغرب”.

وأعرب الدكتور هشام الطالب، رئيس المعهد، عن سعادته بالشراكة مع جامعة شهير. وذكر أن “فكرة إصلاح وتجديد التعليم كانت دومًا في جوهر مهمة المعهد منذ البدايات الأولى. … تم تسليط الضوء على وجود فكرة الإصلاح والتجديد عندما قام الدكتور برزنجي بإنشاء لجنة تكرس جهودها لإصلاح التعليم في المجتمعات الإسلامية عام 2011 في واشنطن ولندن.” وأضاف الدكتور الطالب: “ومع تقدم مسيرتنا، فقد قررنا توسيع مجال تركيزنا كي لا يقتصر على التعليم العالي، بل ليشمل أيضًا التعليم من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر تحت قيادة نائب الرئيس الدكتور أحمد طه العلواني. ونقوم حاليًا ببذل المزيد من الجهود في مجال البحوث التجريبية، حيث إن استنتاجاتنا، وتوصياتنا، ومداخلاتنا تستند جميعًا إلى الأدلة والبيانات، وتتماشى كذلك مع ظروف المجتمعات الإسلامية”.

في الجلسة الأولى، برئاسة الدكتور أنس الشيخ علي، مدير مكتب المعهد في المملكة المتحدة ومدير قسم النشر والترجمة في المعهد والرئيس المشارك للمؤتمر، سلط الدكتور الشيخ علي الضوء على المنهجيات النظرية والتجريبية المستقاة من مبادرة رسم خريطة المعالم. شارك الدكتور الشيخ علي بالعديد من عناوين الكتب المنشورة حول أزمة التعليم ولكنه أشار إلى أنه “قد كُتب القليل جدًا عن وضع التعليم في المجتمعات الإسلامية”. وشدد على ضرورة رسم خريطة المعالم، وفهم وتحليل البحوث التجريبية من أجل التوصل إلى توصيات وسياسات مبنية على أُسس. وأخيرًا، عاد وكرر أن “هذه هي الخطوة الأولى في نهج عملي واعد للغاية لإصلاح التعليم في المجتمعات الإسلامية والارتقاء به”.

وقدمت الدكتورة إلهام ناصر، مديرة قسم أصول التربية في المعهد والرئيس المشارك للمؤتمر،  نبذة عن الارتقاء بالتعليم في المجتمعات الإسلامية (AEMS) وأوضحت كيف يصبو AEMS “إلى تحقيق مجتمعات إسلامية مزدهرة حيث يحقق الأفراد أقصى إمكاناتهم”. وأوضحت أن “الازدهار لا يقتصر على الفرد فحسب، بل يشمل أيضًا المجتمع والأنظمة المدرسية وصانعي السياسات والدول … لنا هدف طموح كبير في AEMS”. باستخدام البحث التجريبي مع الشركاء المحليين في البلدان التي لديها فروع لـلمعهد أو الدول التي تم فيها إجراء الدراسات، وسوف يتوصل AEMS التابع لـلمعهد إلى “توصيات مستندة إلى البيانات، وبرمجيات، ومداخلات، ومناهج تُمكننا من التأكيد بكل ثقة على استراتيجياتنا وخططنا”. بعد ذلك، قدمت الدكتورة ناصر النتائج الأولية للبحث التجريبي في دراستها، “رسم خريطة المعالم: إنشاء أجندة أبحاث خيِّرة في المجتمعات الإسلامية.” وقد أوضحت أن العملية التي تحمس لها المعهد تقوم على الدراسة التي تم إقرارها في الأوساط الأكاديمية من خلال IRB (مجلس المراجعة المؤسسي). وقد اقتضى ذلك من جميع الباحثين والمنسقين القيام بتدريب عبر الإنترنت، تركز حول سلوك البحث وأخلاقياته. وذكرت الدول الست عشرة التي شاركت في هذه الدراسة، ومع ذلك فقد تم تحليل نتائج ست دول فقط بسبب توقيت المؤتمر. كما قدمت نبذة عن النتائج والتفسيرات.

وقام الدكتور بدي ولد إبنو، مدير معهد الدراسات المعرفية في بروكسل، ومدير المعهد في أوروبا والدول الناطقة بالفرنسية، بتقديم دراسته حول “الهيكل الجديد للبحث الأساسي: إنشاء مجموعات العمل”، حيث تحدث عن المسعى الحالي لربط البحوث الأساسية (التأسيسية/ النظرية) التي أجراها المعهد في الماضي مع مبادرة البحث التجريبية الحالية. وذكر أن الهدف من ذلك هو الجمع بين مجموعات البحث الإقليمية في بلدان مختلفة في أمريكا، وأوروبا، وجنوب آسيا من أجل تحديد المفاهيم الأساسية مثل: “كيفية التعامل مع القرآن، وكيفية التعامل مع الحديث، وكيفية التعامل مع التراث الغربي، وكيفية التعامل مع التراث الإسلامي، وكيفية إنشاء منهجية أخلاقية جديدة، إلى جانب منهجية القيم القرآنية الكونية، وكيفية الجمع بين الأساليب الجديدة للعلوم الاجتماعية الأوروبية/ الحديثة في النهج النقدي وبين أسلوب العلوم التقليدية أو الحرفية”.

في الجلسة الثانية التي كانت بعنوان “التدين والقيم: الدلالات النظرية والعملية”، قدم المتحدث الأول، قاسم كوبوز، مرشح الدكتوراة في جامعة بينغامتون، في الولايات المتحدة الأمريكية، دراسةً حول “القيم في المرحلة الانتقالية: تجربة في إطار تنامي التنوع المجتمعي في مدينة صغيرة شمالي نيويورك”، حيث حاول تصنيف تجارب مجتمع بينغامتون المسلم “من حيث كيفية تحول القيم المستوحاة من الإسلام أساسًا كنظام حاكم للقيم إلى تجارب مجتمعية”. ثم تحدثت الدكتورة توبا إيشيك من جامعة بادربورن بألمانيا، وكانت دراستها معنونة بـ “التنوع الثقافي والديني يتطلب تفاعلًا بين القيم والفضائل في التعليم: من منظور ألماني”، وركزت فيها على “الوضع الألماني كمثال لكيفية حديثنا عن القيم والفضائل” والحاجة إلى الأخلاق الحميدة. ومن بين القضايا التي طرحتها: “لماذا يجب أن تسير القيم جنبًا إلى جنب مع الأخلاق الحميدة أو الفضائل؟” وترأس هذه الجلسة الدكتور هيزر مورات كوسيه، أستاذ مشارك في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة إسطنبول شهير.

استُهلت جلسة يوم السبت مع المتحدث الرئيسي، الدكتور مالك بدري، من جامعة صباح الدين زعيم، في إسطنبول، الذي أكد في خطابه المعنون بـ “الأبعاد النفسية في التربية” على “الحاجة إلى إعادة النظر في نظرتنا العالمية بالتفصيل”. وذكّر الحضور أنه “لدينا مستشار كبير، لدينا مربٍ كبير، لدينا مُدرّس جيد … النبي t الذي كان طوال الوقت يستخدم نهج حل المشكلات لتحفيز الناس على التفكير”.

خلال الجلسة الثالثة التي كانت برئاسة الدكتورة إلهام ناصر وبعنوان “تعزيز الرفاهية الاجتماعية العاطفية في التعليم: دروس من الإعدادات الدولية”، أدلى الدكتور كارميل سيفاي، من جامعة مالطة، ببحثه بعنوان “التعلم الاجتماعي والعاطفي: جودة التعليم للقرن الحادي والعشرين”. وركز على أن هناك “حاجة إلى التعلم الاجتماعي-العاطفي”، وأكد على ضرورة تكيُّف المعلمين مع المناهج أو البرامج ذات السياق الحساس. بعد ذلك، قدمت الدكتورة سهيلة حسين، من الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية، بماليزيا، بحثها بعنوان “أصول التدريس الناقد وتحديد هوية المسلمين في العصر الرقمي”. وشرعت في هذه الدراسة لأنها كانت “مهتمة جدًا بالتطور الفكري بين الطلبة لاتخاذ قرارات جيدة”. بعد الدكتورة حسين، قدمت الدكتورة مريم ساروغي، وهي باحثة مشاركة في المعهد، أطروحتها عن “تنبؤات الرضا الأكاديمي والرضا عن الحياة: استكشاف بشائر الخير في كلام طلبة الأقليات من المهاجرين في الولايات المتحدة”، وركزت على “الشعور بالانتماء لكونه أحد متغيراتنا في إجراء أبحاث AEMS ووجدنا أنه حتى الآن متغير بالغ الأهمية يؤثر على رفاهية معظم السكان الذين أبدينا اهتمامنا بهم وأجرينا عليهم أبحاثنا”. وأخيرًا، قدم الدكتور أندرياس كرافت، من جامعة سانت غالين وجامعة زيوريخ، في سويسرا، دراسته “الأمل والرفاهية في السياق المتعدد الثقافات”. وفي ختام حديثه صرح بأن “إعطاء الأمل للأطفال لا يكون بتعليمهم التحكم بالعالم، بل بإيمانهم بالخير، وتعزيز الثقة بالنفس، والانفتاح على التجارب الجديدة، والتسامح والودية مع الآخرين”. لقد لقيت جميع الأبحاث المقدمة استحسان الجمهور الذي تمكن من الانخراط مع المتحدثين في جلسة سؤال وجواب.

الجلستان الأخيرتان يوم السبت، وهما: “رسم خريطة المعالم: النتائج والدروس المستفادة 1″ برئاسة ليلى المازوفا من جامعة قازان الفيدرالية في روسيا، و”رسم خريطة المعالم: النتائج والدروس المستفادة 2” برئاسة الدكتور محمد أسلم محمد حنيف من الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية في ماليزيا، كانتا بمثابة نظرة أولية على النتائج الواردة من البلدان الستة التي تم تحليل بياناتها قبل المؤتمر: بنغلاديش والبوسنة والهند وتنزانيا وإندونيسيا وتتارستان. وتم تقديم نتائج الدول المشاركة على النحو التالي: الهند – سمره فردوس ومحمد عطاء الرحمن؛ والبوسنة – ميرزيتا بريخ؛ وإندونيسيا – جيهانزيب شيما ومحمد صديق؛ وبنغلاديش – روشان زنات ومحمد محفوظ الرحمن؛ وتنزانيا – جحا موليما؛ وتتارستان – ليلى المازوفا.

أخيرًا، قدم الدكتور جيهانزيب شيما، مستشار وخبير منهجيات في المعهد العالمي للفكر الإسلامي وأستاذ في جامعة جورج ميسون بالولايات المتحدة الأمريكية، “الدروس المستفادة من رسم خريطة المعالم “المرحلة 1” في الجلسة التي عقدت تحت عنوان “بحث واسع النطاق في كل أرجاء البلاد”.

في اليوم الأخير، ألقى الدكتور شيما أيضًا “توجيهات المرحلة 2” من بحثه “تطبيق الأساليب الكمية في أبحاث المسح”. ركز في كلا البحثين على أهمية

وتداعيات البحوث الواسعة النطاق والمتعددة المواقع مع معالجة المخاوف والتحديات المشتركة التي واجهها الباحثون خلال المرحلة الأولى من رسم خريطة المعالم.

وأعقب ذلك جولتان من مناقشات المائدة المستديرة حول “رسم خريطة المعالم (المرحلة 2): التركيز على القيم” و”أدوات البحث للارتقاء بالتعليم: التركيز على السياسة”. وركزت الجلسة الأولى على المرحلة التالية من دراسة رسم خريطة المعالم، وأدارها كل من الدكتورة ناصر والدكتورة ساروغي. في الجلسة الثانية تم بحث “التعاطف” فيما يتعلق بالمنظور الثقافي مع التداعيات السياسية؛ أدارها الدكتور تافيس جول، من جامعة لويولا في شيكاغو، بالولايات المتحدة الأمريكية، وصولة بيرفيز، باحثة مشاركة في المعهد.

بعد ذلك، عقدت جلسة تفاعلية أدارها كريم مخلوف، مدير التطوير التنظيمي والشراكات الاستراتيجية في المعهد العالمي للفكر الإسلامي مع د. سهيلة حسين، والدكتور تافيس جول، والدكتورة الميرا موراتوفا – من جامعة توريدا الوطنية في شبه جزيرة القرم  تركزت حول جداول أعمال البحوث في مجال التعليم والأساليب المتعددة المتاحة لإجراء أبحاث العلوم الاجتماعية. رحّب المتحدثون بأسئلة مثل ما هي الدراسة التي تحلم بها؟ وما هي أكثر مجالات البحث إثارة للاهتمام؟

في ختام المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام، ألقى كلٌ من الدكتور أنس الشيخ علي، والدكتورة إلهام ناصر، والدكتور عليم أرلي الملاحظات الختامية.

للمزيد من الصور يرجى الضغط هنا